مواكبة افتتاح أيام قرطاج السينمائية 2019: دورة للحياة ولروح نجيب عياد

أن تكون صحفيا ثقافيا أو مهتما بالشأن الثقافي هو الجانب الآخر الممتع من عالم الصحافة والمكمل لحس المغامرة والتعمق في البحث لكن في ظروف عمل أكثر أريحية وهدوء. ولأن الجانب الثقافي له مكانته في المجتمع التونسي ويحظى باهتمام الكثيرين خاصة حين نتكلم بشكل أدق على الفن السابع و أيام قرطاج السينمائية فإن كل الأنظار تتوجه للأفلام ولكل من الفنانين والممثلين والمخرجين وكل ماهو جديد في مجال السينما.

لقد رفع الستار على فعاليات دورة استثنائية كما وصفها غالبية الحاضرين في الحفل حيث قبل أسابيع قليلة من انطلاقها فارق السينمائي نجيب عياد مدير الأيام الحياة. لكن رُغم ذلك المهرجان لم يتوقف بل خيّر المنظمون الاستمرار على خطى فقيد السينما. كان الاستثناء حاضرا خاصة من حيث إقبال واهتمام الجمهور.

وقد كنت متحمسة لتغطية هذه المناسبة والتحول من مواكبة أحداثها وراء الشاشات إلى مواكبتها على عين المكان بين وجوه معروفة وأجواء سينمائية بامتياز. والأهم من ذلك هو ممارسة مهنة الصحافة على الميدان والتواصل المباشر مع الحاضرين من أجل المعلومة حتى أكون بذلك قد تحولت من فرد من الجمهور إلى صحفي ثقافي بدوري أنقل لهم الحدث. التغطية لم تخلو من بعض العوائق المهنية كعدم تمكننا من دخول قاعة عرض فيلم الافتتاح والحضور أثناء إلقاء كلمة الترحيب إلا أنني حاولت أنا وزملائي العمل داخل النطاق الذي تمكنا منه إذ حاولنا الحديث مع أكثر عدد ممكن من الحاضرين في الحفل.

إليكم التفاصيل.

انطلاقة صاخبة

انطلقت فعاليات أيام قرطاج السينمائية في دورتها الثالثة و الخمسون دورة نجيب عياد يوم السبت 26 أكتوبر 2019 بمدينة الثقافة بتونس العاصمة لتختتم يوم 02 نوفمبر 2019 وذلك بعد أن تم افتتاح واحدة من فعاليات أيام قرطاج السينمائية التنشيطية لهذا العام المرتكزة بشارع الحبيب بورقيبة من 23 أكتوبر إلى 02 من نوفمبر وهي "Cine avenue". قدم ليلة الافتتاح الممثل القدير القاطن بإيطاليا أحمد الحفيان حيث كان الجزء الأول من السهرة مخصص لتكريم روح المنتج السينمائي نجيب عياد الراحل يوم 16 أوت 2019 الذي سبق له أن أدار أيام قرطاج السينمائية سنة 2018. هذه الدورة هي الثانية على التوالي التي أقيمت بمدينة الثقافة وقد كانت تقام سابقا بفضاء المسرح البلدي وقد تزينت كالعادة بالسجاد الأحمر لترحب بنجوم السينما القادمين من مختلف البلدان للحضور والمشاركة في هذا المهرجان السينمائي الذي يعتبر من أعرق المهرجانات السينمائية في العالم العربي و الإفريقي.

الأفلام المتنافسة على الجائزة الكبرى

في الجزء الثاني من عرض الافتتاح تم عرض فيلم "عرايس الخوف" للمخرج النوري بوزيد بمسرح الأوبرا بحضور وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين. و يضم البرنامج الرسمي 18 فيلما من بينها 44 فيلما في المسابقة الرسمية 12 فيلما روائيا طويلا 12 فيلما روائيا قصيرا 12 فيلما وثائقيا طويلا و8 أفلام وثائقية قصيرة.

كما تنافست ثلاثة أفلام روائية طويلة تونسية على الجائزة الكبرى لأيام قرطاج السينمائية. هذه الأفلام هي "نورا تحلم" لهند بوجمعة و "بيك نعيش" لمهدي البرصاوي و"قيرة" للفاضل الجزيري. "نورا تحلم" حصد جائزة أفضل فيلم في مهرجان بوردو الدولي للسينما المستقلة كما سبق له أيضا أن تحصل على جائزة أفضل ممثلة التي آلت إلى بطلته هند صبري في الدورة الثالثة لمهرجان الجونة السينمائي بمصر المقامة في موفى شهر سبتمبر 2019. "بيك نعيش" هو أول فيلم روائي طويل للمخرج مهدي البرصاوي والذي حاز على جائزة الجمهور في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة في الدورة 34 للمهرجان الدولي للفيلم الفرنكوفوني بمدينة نامور البلجيكية. أما فيلم "قيرة" للمخرج الفاضل الجزيري فهو يعود على الفكر المتطرف الذي يترعرع في عالم عربي يعاني الحرب والبؤس والهشاشة الوجودية في ظل غياب تأطير الدولة وضعف الإبداع.

تكريم لروح سينمائيين رحلوا عن عالمنا

هذا وكرمت الهيئة المديرة لهذه الدورة مجموعة من السينمائيين التونسيين ومن العالم العربي وإفريقيا الذين رحلوا عن الساحة الفنية كعزت أبو العوف و فاروق الفيشاوي من مصر وجوسلين صعب و جورج ناصر من لبنان وعزيز موهوب من المغرب والمخرج بيار يامييوغو من بوركينا فاسو. أما من تونس فقد تم تكريم جملة من الأسماء الذين فقدتهم الساحة الفنية وهم المخرج شوقي الماجري و المخرجة شيراز بوزيدي والممثلين المنصف الأزعر وحاتم بالراجح ومدير التصوير يوسف بن يوسف. في الحقيقة هذا التكريم هو زرع لثقافة الحياة وتكريس لأهمية الفن والخلق والإبداع في المجتمع.

نسرين بريك وجواهر كريم